فبدأت بالمحاورة معها كي انزع تلك الحيرة
وكان التساؤل الرئيسي...كم أبلغ من العمر ..... ولم أكن اعلم أنه سؤال صعب للغاية
فكل ما أستطيع أن أقوله وأنا علي يقين ...هو أنني أعيش من زمن بعيد ولا أذكر بالتحديد عدد السنين
لذا كان لابد أن ألجأ إلي بعض ما قيل ( أو كُتب عني ) كي أتوصل للحقيقة
أما ما هو مؤكد لدى البعض هو ذلك المذكور في شهادة ميلادي
ومنها وبكل بساطة يمكن لأي تلميذ في المرحلة الإبتدائية أن يحسب عمري ليجده اثنين
وعشرين عاماً
بلا أدني شك....ولكن ....بما انها مجرد ورقة فلا اعتقد أن الكثيرين يصدقوها
..فالناس تصدق ما ترى فقط امام عينها
وما قيل عني انقسم الي قسمين
القسم الأول يجزم أني طفلة لم تتعد الثالثة عشر أو أقل
وربما جاء ذلك الرأي من صغر حجمي بوجه عام
فأنا قصيرة ( أستطيع ان أحضر أماريل وكونكور بالكاد من علي ذلك الرف العالي )1
وربما أيضاً بسبب وجهي الذي قيل عنه
Baby face
او لفرحتي الطفولية بأي شيء ولو صغير مثل قطعة شيكولاتة......من الأفضل أن تكون جالاكسي
أو فرحتي بكلمة حلوة وكل سنة وانتي طيبة في عيد ميلادي
وأيضاً لحزني لأتفه الأسباب ...........التي لا داعي لذكرها
أما عن القسم الثاني من الأقاويل فهي تؤكد أني في الأربعين.......أو اكثر
وربما حُسب ذلك كمضاعفة لعمري ( المذكور في شهادة الميلاد)1
وكأني عشت سنوات عديدة في سنة واحدة....وتعلمت الكثير وحزنت الكثير والكثير
.......و جُرحت أيضاً
وربما تفكيري يعتبر واقعي يناسب السن المذكور
وفي الحقيقة لا أحب من يتهمونني بالرومانسية – مع أن الرومانسية في حد ذاتها ليست
تهمة – ولكنني أشعر
أنها صفة توحي بالضعف إلي حد ما والحياة في اللاواقعية شيء غير مقبول من الكثيرين
ولكن مبدأي هو ان كل إنسان بداخله مجموعة من المشاعر والصفات ويجب أن يكون
لكل شيء نصيب وبنسبة معينة وربما تزيد هذه عندي وتنقص تلك ولكن إذا حدث وطغت
إحدى الصفات أعتقد ان هذا مرض
فمن الطبيعي ان يكون كل منا رومانسي في بعض الأوقات وواقعي في أوقات أخرى
عصبي وهاديء حسب كل موقف يتعرض له
وانا أشير هنا أني واقعية في اكثر مواقف حياتي
أما ما يقرأه الجميع لي من كلمات الحب ما هو إلا جزأي المخبأ – أو الذي كان مخبئاً – ا
فأنا أيضاً ما زلت أؤمن ان الحب لا يوصف بالكلمات فهو مثل الطفل الرضيع الذي
لايعرف طعم أي شيء إلا بعد ان يتذوقه وإذا أحب ذلك الطعم لن يستطيع ان
يصفه ...ليس لعجزه عن الكلام كطفل........ ولكن لعجز اللغة نفسها
فكلماتي ما هي إلا وصف (ربما تخيلي) لما يمكن أن يحدث ...مثلما نقرأ في الروايات ونقول هي مجرد رواية
وأنا متأكدة أني لن أعرف الحقيقة إلا عندما ألاقيها امامي مباشرةً
***************************************************************************
وكان التساؤل الثاني ...لماذا أعيش مع الذكريات كل هذا القدر؟؟؟
وتظل تصاحبني دائماً جملة واحدة تقول ...هل قابلك ان تعرضت لموقف تخاف ان
يتحول إلي ذكرى!! ....أمسك به!! بكل قوتك ....بالله عليك دومي لي لا تجعلي أيامنا
فمثلما أحسد نفسي أحياناً علي تذكر كل صغيرة وكبيرة في حياتي ..اللحظات السعيدة والأخرى الحزينة
الا انني أشفق علي نفسي أحياناً أخرى .......فالكل ينسى كل شيء أما أنا فأتذكر كل شيء
حتي عندما حاولت زيارة الكلية ......ارتبط كل مكان عندي بذكرى
فهنا علي تلك النافذة وقف أحد الأصدقاء يكتب علي ( ربع جنيه) إهداء ( غلس ) لإحدي
صديقاتي ..أذكر الحدث وكأنه حدث منذ لحظات.......وكأن المكان سجله لأراه كلما ذهبت هناك
وما ان رأيت نافذتي التي كنت أقف عندها كل يوم.. ..حتي تذكرت كل شيء عشته معها ....متي ضحكنا وكيف انتظرنا الإمتحانات في قلق .............!!!!!1
:
:
ذلك الحنين الدائم لدي ارهقني كثيراً وأحياناً أشفق علي نفسي ولا أستطيع تحمله
حتي أنني أصبحت مرتبطة بالأماكن والشوارع ( والقطار ) ا
كما يمكنني أن أتذكر يوماً ما بعطر معين أجد نسيمه في الهواء
أما الأن............فلم يعد أي شيء يحدث.....!!!!1
الأيام متشابهة ومن كانوا حولي أصبحوا بعيدين لا أراهم إلا كل زمن
و أعترف هنا ....أني لم أعد أضحك من قلبي ....ولم أعد حتي أبكي فدموعي أصبحت ثقيلة بعدما
تأكدت أنها لن تجد من يمسحها
.
.
وبقيت لي نفسي أحاورها بين الحين والآخر لعلي أتوصل إلي ما أريد يوماً ما
ولعلي وجدت بعض الراحة بعد هذه المحاورة