Wednesday, September 07, 2011

صمت الحب


هذا الثبات والهدوء غير طبيعيين على رجُل مثلك. كما أنني لا أستطيع فتح صندوقك النحاسيّ وأخرج ما فيه من أسرار. نعم، أسرار، وحكايات أؤمن بوجودها وراء تلك العيون الثابتة المستقرة. كل صباح تجلس طويلاً أمام فنجان القهوة الذي تطلبه. تسرح كالعادة، ثم تفيق وكأنك أتيت من مكان بعيد عن كل الأماكن، تكتشف أنه بارد، فتطلُب آخر بإشارة من يديك. أقترب منك، وأضعه أمامك مبتسمةً تارةً وقائلة "صباح الخير" تارةً أخرى. الغريب أنك لا تنتبه، والأغرب أنك لا تبدو قليل الذوق...كان الجميع يعرفون أنني قليلة الفضول. لكن ثمة شيء ما يجذبني إليك ويثير فضولي نحوك، فلم أكن أعرف أني سأنتبه إليك هكذا إلا بعدما انقطعت عن المجيء لأول مرة منذ حوالي ثلاثة أشهر، وقد اعتدت على رؤيتك كل يوم وفي نفس الموعد بنفس الملابس الأنيقة: البدل السوداء أو الكحلي والكرافت. كان غيابك صدمة لي لم أتوقعها. ـانتظرت مجيئك في اليوم التالي، ولم تأتِ. عرفتُ أن شيئاً ما يدور في السر بين روحي وروحك وقررت فتح صندوق أسرارك والتسلل خلسةً بأمر من قلبي إلى قلبك. ـــ ( لكني لا أعرف طريقةً للوصول إليه .. ) هكذا تساءلت ....ثم تذكرت و أنا صاحبة الذاكرة التى تخزن كل ما تعشق فقط أنك في يوم من الأيام قد ملئت استمارة الخصومات، ووضعت فيها بريدك الالكتروني. قفزتُ خلف الجهاز، وبحثت في الملفات فوجدته أمامي .. وسيلة أتصال واحده وحيدة بك !. ثم لمستُ الشاشه بحذر وكأنيّ أفكر كيف سأطرق باب حياتك ..ــ (هل ستعطيني الإذن بالدخول؟) .. هكذا تساءلت مرة أخرى ..ـ

في الليلة التي حسمت أن أحدثك فيها، ضغطت على زر
Backspace
أكثر مما كتبت أي شيء آخر. كان ذلك منذ أسبوعين، حيث استقر الأمر في النهاية على: (أهلاً، هل يمكننا التعارف سوياً؟). لكنني انتظرت
 كثيراً وعيني مثبتة أمام الشاشة، وقلبي الذي كاد يقفز .. هزّ كل خلية في جسدي، صوت الخفقان يأخذ في الازدياد والعلو بسرعة فوق أي صوت آخر. مر ما يقرب من الساعتين، ولم أشعر. ولم أجد منك أي رد.ـ

مر اليوم الأول، والثاني، والثالث .. بدأ اهتمامي بالأمر يفتر تدريجياً. وبدأ عقلي بأوامره الحازمة يناقشني بصوت عالٍ، ويؤنبني على هذا التصرُّف 
ـ(أنتي صغيرة، وهوائية، ومشاعرك أصغر من أن تستنزف الآن.)ـ( ليس من حقك أن تتحكم في حياتي بهذا الشكل، ولا تحدثني بهذه الطريقة ..). وبينما نحن في شجارنا هذا، قاطعنا صوت أزيز صغير قادم من شاشة حاسوبي الصغيرة !ـ

أنت ! .. وأخيراً !. ـأرى أصابعك تكتب ولا أستطيع لحاق أنفاسي: ــ (من معي يا فندم؟)، طريقتك الأنيقة في كل شيء تظهر حتى في كلماتك دون ان أراك .. تسبقني أصابعي للكتابة، ويتراجع عقلي، ويتحير قلبي. أقف حائرةً لا أدري ماذا أقول؟، ولا أشعر إلا وأنا أغلق جهازي، وأذهب منطويةً علي نفسي أفكر. هل جننت أنا أم ماذا ؟

**في اليوم التالي شعرتُ بالتعب ولم أذهب لعملي، كانت المفاجأة حينما سمعت هاتفي يرن ورقم غريب يظهر على الشاشة. قررت ان أجيب، فبدا صوتي مرتجفاً، غيرَ واثق. حدثني قلبي وقتها بأنّي أمام فرصة عمري الوحيدة. كان صوتك، والغريب أني عرفتك من أنفاسك التى سبقت كلماتك الناطقة بطريقة غريبة لم أهتم لها.ـ

جلست فلم تقوَ قدماي على الوقوف، كانت كلماتك مقتضبة بسيطة تخرج بصعوبة وتحمل فيها سؤال مغلف بشوق غير مبرر.ـ أغلقت الهاتف و انا أصارع أمواج الشوق التي عصفت بروحي. كنت أضعف ألف مره و أقوي مليون مره، فكيف للحب و الشوق أن يجذبنا يبعترنا و يجعلنا فريسة الأضداد. قررتُ أن أرتدي ملابسي و أنزل لعملي لأشتت تركيزي.ـأمسكت يد الباب الحديديه الباردة لأراك ترفع رأسك و كأني كنت معاك على ميعاد. فرأيتُ شبح ابتسامه مرسوم بدقة، كأن ريشة ليوناردو دافنشي تركت "الموناليزا" لترسم بنفسها على وجهك سحر تلك الابتسامة الغامضة.ـ

ماذا فعلت بي أيها الساحر؟ لا أصدق أنني توجهت معك إلى الطريق المقترب من البحر. لم أفق من غيبوبتي وأدرك بذلك إلا عندما شممت رائحته المميزة المحببة إليّ. تقريباً نفس المكان الذي وقفت فيه مراراً وتكراراً. مهلاً .. ـأوكنت تراقبني؟أوكان قدومك إلينا، وهدوءك الغريب، وصمتك الطويل. كل هذا كان لسبب خفي لم أفهمه وقتها؟.ـ

لا أدري ماذا أقول أو ماذا يجب أن أقول، كذلك أنت. ظللنا طول الطريق صامتَين تماماً، نسير جنباً إلى جنب، ونتبادل بعض النظرات التائهة السريعة، ثم نعاود النظر إلى الأمام. وكأن شيئاً غيبّ الوعي وأسر القلوب يجذبنا إلى هنا. حيث وقفت أمامي مباشرة. والتفت يميناً ويساراً، فلم تجد أحداً حولنا سوى البحر، والسماء، وطائري نورس يقفان سوياً على مقربة كما نقف .. ـ ***مددتَ يدك، ولم أفق إلا وهي تلامس يدي؛ فاعترتني رعشة وارتباك. وأردت الذهاب بعيداً، لكن لمسة يديك طمأنتني.ـــ (أحبك .. )، دون أن تنطقها وقعت علي أسماعي أربعة حروفٍ كنسمة خفيفة تهدهد قلبي وتذهب بي إلي عالم آخر في نهاية البحر الذي ليس له نهاية.ـكيف حدث ذلك؟ ومتى؟؟ سألتك عيوني،ـ ــ (لا أعرف .. )، كان رداً كافياً... ألم أؤمن أن الحب يولد في القلوب كما يولد الطفل في رحم أمه صغيراً دون ملامح، ثم يكبر مع الوقت. تغذيّ شرايينه نظرة، وكلمة، وابتسامة، وتنهيدة شوق.ـ

أحبك أنا أيضاً من أول يوم خرجت من فمي سلسة رقيقة دون خجل، وعرفت في تلك اللحظة أن روحانا ربما تقابلت في ذلك العالم الآخر ثم اجتمعت اجسادنا.ـلم يكن الحوار هو مبتغانا، فقد تركنا العنان لأرواحنا تتحدث دون تدخل و ضجيج. قابلتُ عيناك المثبتتان على وجهي أكثر من مره وحاولت أن أفهم متى حدث كل هذا؟. لكنك كنت تسكتني بنظرة حنيّه؛ تدثرني من كل جانب، فلا تدع لهواء الخريف البارد منفذ.ـ

أمسكتُ صدفة صغيرة تائهة، وقربتُها من فمك. وشوشتها، وفتحت كفّي، فوضعتها فيه. قرّبتُها من أذني، فسمعت منها أنك تطالبني بالبقاء معك حتى آخر العمر؛ فابتسمت، وهززت رأسي موافقه . رسمتَ على كفّ يدي قلب، فضحكت، ورأيتك تضحك، ثم أمسكت بيدي ووضعتها على صدرك، تريد أن تخبرني أن قلبك يدق بسرعه ..ـ

باغتتني الفكره .. كيف لم تخطر لي على بال؟، أخذتك من يدك، واستسلمت كالصغار. فمشينا سويآ حتى وصلنا إلى أقرب مكتبه. دخلنا، فبحثت طويلاً حتى وجدته مُلقى تحت الكتب الكثيره المهملة.ـنفّضتُ التراب عنه ..ـووقفنا سويآ أمام البائع و إبتسامتك تنير وجهك الملائكيّ.ـدفعت ثمن كتاب "تعلّم
لغة الصم و البكم".ـوبنيتُ جسر تواصل بيني و بينك، بدأ قبل هذه اللحظات، وكل أمنياتي ألا ينتهي !ـ





ارتجالة مشتركة
كتبها..نهر الحب "سهاد"
لينا نابلسي
 محمد عمر

22/10/2010

19 comments:

نهر الحب said...

اسفة علي طريقة الكتابة لكني حاولت اعدلها ومش نافع خااالص

اعذروني
:))

دعاء العطار said...

ليه بتقولى انها محتاجه تعديل ؟

دى صادقه جداً ياسهاد عشان كده وصلت للقلب

انا بصراحه اتفاجئت بنهايتها ومكنتش متوقعاها ... بس ابتسمت بدموع لما عرفت نهايتها (:

اسلوب الكتابه يشد ويخليكى عايزه تعرفى ايه اللى هيحصل

" كان رداً كافياً... ألم أؤمن أن الحب يولد في القلوب كما يولد الطفل في رحم أمه صغيراً دون ملامح، ثم يكبر مع الوقت. تغذيّ شرايينه نظرة، وكلمة، وابتسامة، وتنهيدة شوق. "

معاكى حق ... الحب تقريباً فى بدايته بتكونى مش عارفه ليه ؟ واشمعنى ده ؟

بس مع الوقت بتبداى تفهمى اشمعنى ده بالذات ... لأن ده بالذات هو مخلوق عشانك

هو قدرك ...

عجبتنى أوى ياسهاد

:) :)

israa essam said...

الاحاسيس اللي فيها جميــــــــــلة جدا بجد عجبتني :):)

reemaas said...

انتى بتعتذرى عن ايه
انتى مش متخيله الحاله لروعه اللى عيشتينى فيها انا من زمان ماقرتش قصة شدتنى وفرحتنى وحسستنى باحسايس حلوة كده

النهاية رغم انه بجد ماكنتش متوقعاها لكنها مع كل المشاعر دى نهاية منطقيه جدا لحاله من الحب الراقى

تحياتى

Tamer Moghazy said...

رجعت البيت دلوقت..
الساعة 4:35 صباحا..
مرهق جدا من الحركة والشغل والتنطيط والسواقة..
لقيتك كتبت بوست..
قريت اول جملة..
"هذا الثبات والهدوء غير طبيعيين على رجُل مثلك"
ولقيتني في تاني جملة..
"أسرار، وحكايات أؤمن بوجودها وراء تلك العيون الثابتة المستقرة"

ولقيتني باكمل البوست للاخر باستمتاع استغربته رغم الارهاق والتعب اللي كنت فيه..!!
على فكرة..
مش انا بس اللي باعرف اعبر واختار تشبيهاتي :)
مشاعرك حلوة قوي في البوست ده :)

Tamer Moghazy said...

"ضغطت على زر
Backspace
أكثر مما كتبت أي شيء آخر"

انت تقريبا بتتكلمي عني لما باكون باكتب حاجة...!!
(';')

Anonymous said...

صباحك غاردينيا نهر الحب
أين كنت غائبة عن ركنك الجميل وحرفك المذهب بـ الحب قصة رائعة صورتي فيها صدق الحب بمشاعره الصادقة العفوية أحاسيس تلامس الروح وتنسكب بمداد عشق "
؛؛
؛
سـ أكون متابعة هنا
لروحك عبق الغاردينيا
reemaas

نهر الحب said...

:))
كنت عاوزة اعدل شكل الخط والفرق بين المقاطع لكن كل ما اظبط جزء المدونة تطلعه غير ما انا عاوزة مكنتش عايزة اغير حاجة في الكلام نفسه

عايزاكوا بس تركزوا ان القصة مش انا لوحدي اللي كاتبها وانا ومحمد ولينا ارتجلناها برسايل مع بعض لحد ما طلعت بالشكل الجميل ده وده مش مجهودي لوحدي

نهر الحب said...

دعاء
انتي بتحسي الجزء اللي بحسه وتخيلي اني بقول ان القصة مرتجلة مع اصحابي وانا مش فاكرة خاالص مين كاتب انهو جزء لكن االجملة اللي عاجباكي دي بالذات انا فاكرة اني انا اللي كاتباها
:)))

النهاية لازم مش تبقي متوقعة
مبسوطة انها فرحتك في الاخر

ده بالذات مخلوق عشانك
هو قدرك
:))))

نهر الحب said...

فتاة في زمن غريب
ياااارب ديما
:))

نهر الحب said...

reemaas
بجد بجد
اكتر حاجة بتخليني استمر في الكتابة انت حد يحس احساس حلو

فرحانة بوجودك عندي
:))

نهر الحب said...

تامر
جميل ان الواحد يستمتع بحاجة وهو تعبان
بيحسس اللي كاتبها انه لما تعب فيها تعبه جه بفايدة

سعيدة انك متابع
بس متهيألي فاتك البوست اللي فات
:))


"ضغطت على زر
Backspace
أكثر مما كتبت أي شيء آخر"

الحالة اللي في القصة تخليها مترددة
لكن في الكتابة لازم الكلام يطلع علي طول ونلغي زر ال
Backspace

نهر الحب said...

ريماس
انا عديت علي مدونتك قريب ولقيت بوستات لها نفس الاحساس وكمان نفس اسم
"رسائل حنين"
بالذات

معرفش ايه اللي منعني من التعليق بس عاوزة اجي عندك علي روقان عشان كلماتك تستحق الاهتمام والتعمق

:))

عاوزاكي تيجي عندي كتير متأكدة انك حتلاقي نفسك في حاجات كتر

Miss LoZa said...

بجد اصلا مش محتاجة تعديل
هى حلوة كده جدا :)

راء said...

أنا مبهورة :)
رائعة جدا
حسيت فيها بكل إحساس للبطلة مع حروفك
وكأني كنت بشوف فيلم قدامي بتفاصيله
الزمان والمكان والاشخاص
So real

تسلم ايديكي ..مبندمش كل مرة اجي فيها هنا :)

فشكووول said...

السلام عليكم
تحياتى وكل عام وانتم بخير
اذا جاء فلن يمنعه احد ولا الابواب المغلقه ولا حتى الفولازيه
تحياتى وهذه مدونتى الجديده بعد ان انتحرت فشكول القديمه وغرقت فىالبحر

Emtiaz Zourob said...

قصة جميلة يا سهاد والاجمل انها مشتركة وعلى فكرة هي واقعية

استمتعت بالقراءة

دمت بخير وطاب مساؤك عزيزتي

نهر الحب said...

miss loza
انا معدلتش حاجة اهو
:))

طالبة مقهورة درجة اولي
فرحانة اوي بكلامك وفرحانة انك تخيلتيها كمان
:))

فشكووول
:)
ده تعليقك علي البوست اللي فات لسه شغال
اوعدك بزيارة عما قريب ان شاء الله


وجع البنفسج
بحب البنفسج علي فكرة
واسمك بيوجعني
:))
انتي شايفاها واقعية
ممممم
مش عارفة
:)

Anonymous said...

إحم إحم مقدرتش معلقش مين الحلوين اللي بيكتبوا حلو كدة هههههههه با ينتي وحشتني الكتابة معاكي يلا إنجري خلينا نكتب زي زمان