في يوم شتائي تعلو سماءه غيامات السحب .....ارتدت معطفها وكوفيتها و ذهبت إلي
محطة القطارصباحاً كعادتها.........ولكنها لاحظت أن القطار القادم لا يشبه الذي
تركبه كل يوم....فكان مظهره غريباً بعض الشيء....نظيفأً ومبهراً عن حاله سابقاً
ولم تركب إلا بعد ان اطمئنت أن نفس الأشخاص الذين تراهم كل يوم ركبوا معها
وعندما جلست فوجئت بالرجل الجالس أمامها يحدث صاحبه أن ذلك القطار يقف في كل
محطة بعض الوقت ويمكن لراكبيه النزول حتي موعد رحيله مرة ثانية
وربما أسعدها ذلك الخبرلأنها لا تذكر متي آخر مرة تنزهت فيها بمفردها في الشوارع والمحلات
وجاءت المحطة الأولى
نزلت لترى أمامها لافتة كبيرة .....إعلان عن حدث ما....فتتبعت بعض المارة حتي وصلت إلي هناك
مسرح كبير لا يخلو مكان فيه من الناس....بلياتشو يرسم بالألوان – فقط – ضحكة علي
شفتيه و يقوم بحركاته البلهوانية ليسعد من حوله ....وأطفال صغار يصفقون ويضحكون
طفلة تبدو في السادسة من عمرها تمسك بعروستها الصغيرة وتجلس وحيدة ....لا تبدو
سعيدة ولا حزينة ولا يلفت انتباهها باقي الأطفال أو حتى البلياتشو و يبدو أنها تعودت
علي ذلك و تشعرك بنظرتها أنها أكبر من عمرها بمراحل
.
.
حان موعد القطار فانتبهت وأسرعت إليه حتي جلست وهم يخبرونها أن القطار توقف
في هذه المحطة عدة ساعات ...أما هي فلم تشعر إلا انها مجرد دقائق ليس أكثر
ولم تتذكر شيئاً مما حدث ....فقط لقطات سريعة تمر علي ذاكرتها......حتي تلك الطفلة لم
تعد تتذكر ملامحها .....فتصنعت عدم الاهتمام حتي توقف القطار في المحطة الثانية
ترددت في النزول بعض الشيء لكنها نزلت بعد ان نزل كل من في القطار
فوجدت مجموعة من الفتيات يرتدين الزي المدرسي ...قميص أبيض وجيب كحلي
تمسك كل واحدة حقيبتها ويتبادلن الضحك والمرح
فتاة أخرى تجلس على أحد كراسي المحطة جعلتها تتذكر للحظة تلك الطفلة في المحطة
السابقة ولكن هذه المرة قاربت علي العشرين تشبه الفتيات الأخريات وتبدو من ملابسها انها من نفس المدرسة
تجلس وتمسك نوتة صغيرة في يدها ولكن بدت عليها ملامح الغضب المكتوم فكانت
تبحث عن شيء من الواضح انها لم تجده فأصابها الحزن ووضعت رأسها بين يديها واستسلمت لدموع لم يرها احد
.
.
.
تركتها وذهبت للقطار ....وتوقف في المحطة الثالثة
هذه المرة رأت شاباً يمسك حقيبته ويبدو عليه انه مسافر إلي مكان ما
قبّل يد والديه واحتضنهما واختفى عن نظرهما ......ثم وجد فتاته تنتظره في المكان كما
تعودا ان يلتقيا ولم تكن تعلم خبر سفره إلا عندما رأته..... و أسكتتها الصدمة حتي رحل في غفلتها
ولم تنتبه إلا وذلك الكتاب في يديها وتوقعت ان تجد بداخله تلك الوردة ...وبالفعل وجدتها
وتذكرت انها لم تكن مهداه منه ولكنها تمنت ذلك فوضعتها بنفسها في الكتاب كي تتذكره بها دائماً
وكانت تعلم جيداً أنها ربما تعيش مثل تلك الوردة بعض الوقت .....تكون وحيدة ...ذابلة
وتصورت أنها لن تعود إليها الحياة إلا بلمسة من يديه ...ولكنه لم يعرف أن أي أحد يمكنه
ان يفتح ذلك الكتاب وببساطة يحضر الوردة ويسقيها ويعتني بها حتى يعيد إليها الحياة
.
.
.
كانت تلك المحطة الأخيرة في القطار...و كان عليها أن تكمل باقي المشوار بنفسها كي تعلم ماذا سيحدث ومن ستقابل في المحطات القادمة
الأحد 8/3/2009